السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حقيقة فوائد أكل التفاح
د. عبير مبارك
الإنسان ومستوى صحته، إنما هو نتاج لما يتناوله من أنواع المنتجات الغذائية، وكمية كل صنف منها، وكيفية تقسيم عدد وجبات اليوم منها. ولذا فإن العلاقة بين نوعية التغذية والإصابة بالأمراض، شيء مُؤكد من الناحية العلمية، لدرجة أن بعض الخبراء الطبيين يتبنى مقولة: قل لي ماذا تأكل كي أُخبرك ما هي أمراضك. إذْ في كل يوم، ينكشف للباحثين المزيد من الجوانب حول تلك العلاقات الغذائية المرضية. وإن كان الأمر واضحاً وجلياً للكثيرين في بعض الحالات المرضية، مثل السمنة ومرض السكري وارتفاع الكولسترول واضطرابات الجهاز الهضمي وغيرها من الامراض. إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لإدراك البعض علاقة ذلك بأمراض أخرى، مثل الربو والحساسية. ولذا من الممكن فهم قول الباحثين من بريطانيا إن تناول الأطفال لوجبات البحر الأبيض المتوسط الغنية بالفواكه والخضار والمكسرات هو إحدى طرق الحد من تفاقم حالات حساسية الأنف والجلد ونوبات الربو لديهم، باعتبار أن تناول تلك المنتجات ربما له تأثيرات مباشرة على جهاز المناعة أو آليات ظهور الحساسية والربو. لكن مما هو من الصعب توقعه، ناهيك عن تعليله، هو تأكيد باحثين آخرين أن لما تتناوله الحامل، أثناء فترة حملها بجنين ما من أبنائها أو بناتها، تأثيرات صحية ليس فقط على صحة ذلك الجنين قبل ولادته، بل على صحته بعد ولادته. وتحديداً على احتمالات إصابة هذا الطفل في مراحل تالية من العمر بالربو أو حالات الحساسية الأخرى. ولعل من أوضح أمثلة ذلك ما يقوله باحثو هولندا واسكوتلندا من أن أكل الحوامل للتفاح يُقلل من عُرضة إصابة أطفالهن بالربو والأعراض الأخرى المصاحبة له من الحساسية. وقول باحثي الولايات المتحدة، إن اهتمام الحوامل برفع مستوى توفر فيتامين دي في أجسامهن أثناء فترة الحمل، عبر تناول المنتجات الغذائية المساهمة في ذلك، يُقلل من احتمالات إصابة أطفالهن بنوبات الربو وصفير الصدر.
وعليه، فإن الحديث الطبي يعود مرة أخرى للتأكيد على مدى ما تتركه سلوكيات الأم الحامل، في التغذية وغيرها أثناء فترة الحمل، على صحة أبنائها وبناتها، قبل الولادة وبعدها بسنوات طويلة.
* التفاح وربو الأطفال وفق ما تم نشره في عدد 27 مارس (آذار) من مجلة الصدر، وهي مجلة علمية بريطانية تُعنى بنشر الجديد حول الأمراض الصدرية، فإن الباحثين من هولندا واسكوتلندا حاولوا معرفة تأثيرات تناول الأمهات لأنواع شتى من المنتجات الغذائية على احتمالات إصابة مواليدهن بأمراض الربو والحساسية عند بلوغهم عمر خمس سنوات. وفي سبيل ذلك قام الدكتور ويلرز من جامعة يترشت بهولندا بتفحص الوجبات الغذائية وأنواع مكوناتها لدى حوالي 2000 امرأة من الحوامل. ثم فحص حالة الصدر والرئة لدى أكثر من 1250 طفلا من أبنائهن وبنتاهن عند بلوغهم سن خمس سنوات. وتبين للباحثين أن حوالي 13% من هؤلاء الأطفال قد أصابتهم إحدى نوبات صفير في الصدر أثناء التنفس، وأن حوالي %12 من جميع الأطفال قد تم تشخيص إصابتهم بالربو من قبل طبيب متابع. وبمراجعة تأثير تناول الأمهات الحوامل لعناصر قائمة طويلة من أصناف الأطعمة والمنتجات الغذائية، تبين للباحثين أن تناولهن للتفاح كان الوحيد في تحقيق وقاية وحماية للأطفال من إصابتهم بالربو ونوبات صفير الصدر أثناء التنفس.
وتحديداً قال الباحثون بالمقارنة مع أطفال الأمهات اللواتي لا يتناولن التفاح مطلقاً أثناء فترة الحمل أو يتناولن تفاحة واحدة أسبوعياً، فإن لدى أطفال الأمهات الحوامل اللواتي كن يتناولن أكثر من أربع تفاحات أسبوعياً، كانت نسبة إصابة أطفالهن المولودين، في ذلك الحمل، عند سن الخامسة هي أقل بمقدار 37% في ظهور نوبات صفير الصدر، وأقل بمقدار 53% في ظهور الإصابة بحالات الربو التي يتم التأكد من الإصابة بتشخيص مباشر من الطبيب المتابع. وما وجده الباحثون حول تأثيرات الحماية التي يُخلفها تناول الأمهات الحوامل للتفاح على صدور أبنائهن وبناتهن، لم يكن موجوداً أو مُلاحظاً في تناولهن لأنواع أخرى من الفواكه كالحمضيات من برتقال وغيره، وكذلك لم يكن ذا علاقة بتناول عصير الفواكه الأخرى أو تناول أي من أنواع الخضار. ما حداهم القول بأن مواد فايتو الكيميائية phytochemical في التفاح، مثل مواد فلافونويد flavonoids، هي ما تُعطي تلك المميزات الواقية لصحة رئة الطفل وقدراتها في أداء وظائفها بشكل سليم وبصفة تجعلها لا تتأثر بالمواد البيئية المهيجة لها ولتراكيبها، في السنوات التالية من عمر الطفل بعد ولادته.
وهذه المعلومة البسيطة، في نظر البعض، التي توصل الباحثون إليها تكتسب أهمية عند إدراك أن في مجتمع واحد، كالمجتمع الأميركي، فإن الإحصائيات الصادرة عن المركز القومي للإحصائيات الصحية قالت في عام 2004 أن أكثر من 9 ملايين طفل تم تشخيص إصابتهم بالربو، وأن 4 ملايين منهم عانوا من نوبات الربو الشديدة التي تطلبت معالجتهم في أقسام الإسعاف وغيرها على وجه السرعة. هذا عدا الكثيرين غيرهم ممن لديهم الربو بصفة مستترة ولم يتم تشخيص وجودها بالرغم من إصابة الأطفال بها، وفق ما تُؤكده الرابطة الأميركية للرئة في نشراتها حول ربو الأطفال. الأمر الذي يضع عبئاً اقتصادياً في تكلفة المعالجات الطبية للربو بين الأطفال، حيث تُؤكد الإحصائيات هناك أن حالات الربو هي السبب الثالث في ترتيب دواعي دخول المستشفيات للمعالجة لدى الأطفال دون سن 15 سنة، وأن الربو هو السبب الرئيسي في عدد أيام غياب الأطفال عن الحضور إلى المدارس.
من جانب آخر، وجد الباحثون أيضاً في دراستهم الجديدة أن تناول الأمهات للأسماك أثناء فترة الحمل يُقلل من احتمالات إصابة الأطفال هؤلاء بعد ولادتهم من حالات حساسية الجلد والإكزيما. وتحديداً فإن أطفال الأمهات الحوامل اللواتي كن يتناولن السمك مرة في الأسبوع على أقل تقدير أثناء فترة الحمل، هم أقل عرضة للإصابة بالحالات الجلدية من الحساسية بمقدار يتجاوز 43%، مقارنة بالأطفال الذين كانت أمهاتهم يتجنبن تناول الأسماك أثناء الحمل بهم.
* توفير فيتامين دي لجسم الحامل كان الدكتور ويلرز من هولندا قد ذكر في دراسات سابقة له أن ثمة علاقة بين تأمين تناول الحامل أثناء حملها لفيتامينات «إي و دي» ومعدن الزنك أثناء الحمل وبين نشوء حالات الربو وصفير الصدر وإكزيما الجلد بين الأطفال بعد ولادتهم. لكن الجديد هو ما تحدثت عنه دراستان حديثتان تم نشرهما في عدد مارس من المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية للباحثين من بوسطن في الولايات المتحدة.
وقال الدكتور كارلوس كامارغو، الباحث الرئيسي في الدراسة الأولى من مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، إن بمتابعة حوالي 2000 أم وطفلها، حتى بلوغه سن ثلاث سنوات، لمدى نسبة فيتامين دي في أجسام هؤلاء الأمهات أثناء فترة الحمل، وجدنا أن معدل هذا الفيتامين كان 548 وحدة دولية في اليوم لدى الأمهات. وأن عدد إصابات الأطفال هؤلاء بالربو عند سن الثالثة بلغت 186 إصابة.
وبتقسيم مجموعة الأمهات بحسب كمية فيتامين دال في أجسامهن إلى أربع مجموعات. تبين أن أطفال الأمهات اللواتي كن ضمن مجموعة الربع الأعلى في نسبة هذا الفيتامين، كانوا أقل عُرضة للإصابة بنوبات صفير الصدر بنسبة 61%، مقارنة بأطفال الأمهات اللواتي كن ضمن مجموعة الربع الأقل في نسبة فيتامين دي في أجسامهن أثناء فترة الحمل. وتوصل الباحثون إلى أنه كلما زادت كمية فيتامين دي في جسم الأم الحامل بمقدار 100 وحدة دولية، كلما قلت احتمالات إصابة طفلها في ذلك الحمل بمقدار 20%. وأن فائدة فيتامين دي كانت متحققة سواء تم تناول هذه الفيتامينات من خلال الحبوب الدوائية أو من خلال المنتجات الغذائية، سواء ذات كمية فيتامين دي الطبيعية أو التي يتم إضافتها إليها لتعزيز محتواها منه كالحليب أو غيره.
وتوصل الدكتور أوغيستو ليتونجيا من معامل شاننغ في بوسطن إلى نتائج مقاربة في نفس مجال البحث. حيث تبين له بمتابعة 1212 أما وطفلها، أن أطفال النساء اللواتي يتمتعن بمعدلات فيتامين دي عالية في أجسامهن أثناء فترة الحمل كانوا أقل عُرضة للإصابة بالربو بنسبة تصل إلى 65% مقارنة بأطفال الأمهات ممن نسبة هذه الفيتامين متدنية في أجسامهن أثناء فترة الحمل. كما أن نفس العلاقة تنطبق على مدى الاستجابة لأخذ أدوية توسيع الشعب الهوائية عند الإصابة بنوبات الربو.
* غذاء أطفال جزيرة كريت ونوبات الربو ما لفت انتباه الباحثين من بريطانيا أن حالات الربو وحساسية الأنف والجلد نادرة بين أطفال جزيرة كريت اليونانية. وحينما نظروا فيما قد يكون سبباً لذلك، كان نوعية تغذيتهم هي أكثر الأمور احتمالاً. ولذا قام الباحثون من المؤسسة الوطنية للقلب والرئة في بريطانيا بمتابعة أكثر من 700 طفل ومراهق في جزيرة كريت ممن تتراوح أعمارهم ما بين السابعة والثامنة عشر من العمر. حيث تم الطلب منهم ومن والديهم الإجابة على جملة من الأسئلة المتعلقة بنوعيات وعناصر مكونات وجباتهم الغذائية.
ووفق ما تم نشره في عدد الخامس من إبريل (نيسان) لمجلة الصدر البريطانية، فإن 80% يتناولون الفواكه الطازجة، و70% يتناولون الخضار الطازجة، على الأقل مرتين في اليوم الواحد. وبالمراجعة مع العوامل البيئية والاجتماعية الأخرى، تبين للباحثين أن نوعية التغذية المحتوية على كميات عالية نسبياً من الفواكه والخضار الطازجة هي السبب في تدني الإصابات بالربو وبحساسية الأنف والجلد.
كما تبين للباحثين أن تناول المكسرات، ثلاث مرات أسبوعياً على أقل تقدير، عامل مرتبط بقلة الإصابة بنوبات صفير الصدر نتيجة لضيق الشعب الهوائية في الرئة. ولاحظ الباحثون أن السبب ربما يعود لغنى المكسرات بفيتامين إي. والمعروف أن فيتامين إي أحد مضادات الأكسدة الطبيعية، والتي تحول دون تلف الخلايا الناجم عن التعرض للجذور الحرة الضارة. هذا بالإضافة إلى احتواء المكسرات على عنصر المغنيسيوم. وهو أحد العناصر المفيدة لبنية تراكيب الرئة ومقاومة الشعب الهوائية لنوبات الضيق التي تعتريها عند التعرض للمواد المهيجة للحساسية فيها.
وعلى وجه الخصوص لاحظ الباحثون أن تناول الأطفال للتفاح والبرتقال والطماطم هو عامل يقي من نوبات الربو وحساسية الأنف.
وأضاف الباحثون أن تناول العنب عنصر فاعل في تقليل نوبات صفير الصدر وحساسية الأنف. وقالوا بأن قشور العنب الأحمر تحتوي على كميات عالية من المواد المضادة للأكسدة ومواد ريفيرسال التي سبق للدكتور حسن صندقجي الحديث عنها في مقاله حول العنب قبل بضعة أسابيع ضمن مواضيع التغذية بملحق الصحة في الشرق الأوسط. وهي مواد لها تأثيرات مضادة للالتهابات لا تزال الدراسات الطبية تتوسع في البحث فيها أسوة بما يحصل مع المواد المضادة للأكسدة في العنب.
حقيقة فوائد أكل التفاح
د. عبير مبارك
الإنسان ومستوى صحته، إنما هو نتاج لما يتناوله من أنواع المنتجات الغذائية، وكمية كل صنف منها، وكيفية تقسيم عدد وجبات اليوم منها. ولذا فإن العلاقة بين نوعية التغذية والإصابة بالأمراض، شيء مُؤكد من الناحية العلمية، لدرجة أن بعض الخبراء الطبيين يتبنى مقولة: قل لي ماذا تأكل كي أُخبرك ما هي أمراضك. إذْ في كل يوم، ينكشف للباحثين المزيد من الجوانب حول تلك العلاقات الغذائية المرضية. وإن كان الأمر واضحاً وجلياً للكثيرين في بعض الحالات المرضية، مثل السمنة ومرض السكري وارتفاع الكولسترول واضطرابات الجهاز الهضمي وغيرها من الامراض. إلا أن الأمر ليس كذلك بالنسبة لإدراك البعض علاقة ذلك بأمراض أخرى، مثل الربو والحساسية. ولذا من الممكن فهم قول الباحثين من بريطانيا إن تناول الأطفال لوجبات البحر الأبيض المتوسط الغنية بالفواكه والخضار والمكسرات هو إحدى طرق الحد من تفاقم حالات حساسية الأنف والجلد ونوبات الربو لديهم، باعتبار أن تناول تلك المنتجات ربما له تأثيرات مباشرة على جهاز المناعة أو آليات ظهور الحساسية والربو. لكن مما هو من الصعب توقعه، ناهيك عن تعليله، هو تأكيد باحثين آخرين أن لما تتناوله الحامل، أثناء فترة حملها بجنين ما من أبنائها أو بناتها، تأثيرات صحية ليس فقط على صحة ذلك الجنين قبل ولادته، بل على صحته بعد ولادته. وتحديداً على احتمالات إصابة هذا الطفل في مراحل تالية من العمر بالربو أو حالات الحساسية الأخرى. ولعل من أوضح أمثلة ذلك ما يقوله باحثو هولندا واسكوتلندا من أن أكل الحوامل للتفاح يُقلل من عُرضة إصابة أطفالهن بالربو والأعراض الأخرى المصاحبة له من الحساسية. وقول باحثي الولايات المتحدة، إن اهتمام الحوامل برفع مستوى توفر فيتامين دي في أجسامهن أثناء فترة الحمل، عبر تناول المنتجات الغذائية المساهمة في ذلك، يُقلل من احتمالات إصابة أطفالهن بنوبات الربو وصفير الصدر.
وعليه، فإن الحديث الطبي يعود مرة أخرى للتأكيد على مدى ما تتركه سلوكيات الأم الحامل، في التغذية وغيرها أثناء فترة الحمل، على صحة أبنائها وبناتها، قبل الولادة وبعدها بسنوات طويلة.
* التفاح وربو الأطفال وفق ما تم نشره في عدد 27 مارس (آذار) من مجلة الصدر، وهي مجلة علمية بريطانية تُعنى بنشر الجديد حول الأمراض الصدرية، فإن الباحثين من هولندا واسكوتلندا حاولوا معرفة تأثيرات تناول الأمهات لأنواع شتى من المنتجات الغذائية على احتمالات إصابة مواليدهن بأمراض الربو والحساسية عند بلوغهم عمر خمس سنوات. وفي سبيل ذلك قام الدكتور ويلرز من جامعة يترشت بهولندا بتفحص الوجبات الغذائية وأنواع مكوناتها لدى حوالي 2000 امرأة من الحوامل. ثم فحص حالة الصدر والرئة لدى أكثر من 1250 طفلا من أبنائهن وبنتاهن عند بلوغهم سن خمس سنوات. وتبين للباحثين أن حوالي 13% من هؤلاء الأطفال قد أصابتهم إحدى نوبات صفير في الصدر أثناء التنفس، وأن حوالي %12 من جميع الأطفال قد تم تشخيص إصابتهم بالربو من قبل طبيب متابع. وبمراجعة تأثير تناول الأمهات الحوامل لعناصر قائمة طويلة من أصناف الأطعمة والمنتجات الغذائية، تبين للباحثين أن تناولهن للتفاح كان الوحيد في تحقيق وقاية وحماية للأطفال من إصابتهم بالربو ونوبات صفير الصدر أثناء التنفس.
وتحديداً قال الباحثون بالمقارنة مع أطفال الأمهات اللواتي لا يتناولن التفاح مطلقاً أثناء فترة الحمل أو يتناولن تفاحة واحدة أسبوعياً، فإن لدى أطفال الأمهات الحوامل اللواتي كن يتناولن أكثر من أربع تفاحات أسبوعياً، كانت نسبة إصابة أطفالهن المولودين، في ذلك الحمل، عند سن الخامسة هي أقل بمقدار 37% في ظهور نوبات صفير الصدر، وأقل بمقدار 53% في ظهور الإصابة بحالات الربو التي يتم التأكد من الإصابة بتشخيص مباشر من الطبيب المتابع. وما وجده الباحثون حول تأثيرات الحماية التي يُخلفها تناول الأمهات الحوامل للتفاح على صدور أبنائهن وبناتهن، لم يكن موجوداً أو مُلاحظاً في تناولهن لأنواع أخرى من الفواكه كالحمضيات من برتقال وغيره، وكذلك لم يكن ذا علاقة بتناول عصير الفواكه الأخرى أو تناول أي من أنواع الخضار. ما حداهم القول بأن مواد فايتو الكيميائية phytochemical في التفاح، مثل مواد فلافونويد flavonoids، هي ما تُعطي تلك المميزات الواقية لصحة رئة الطفل وقدراتها في أداء وظائفها بشكل سليم وبصفة تجعلها لا تتأثر بالمواد البيئية المهيجة لها ولتراكيبها، في السنوات التالية من عمر الطفل بعد ولادته.
وهذه المعلومة البسيطة، في نظر البعض، التي توصل الباحثون إليها تكتسب أهمية عند إدراك أن في مجتمع واحد، كالمجتمع الأميركي، فإن الإحصائيات الصادرة عن المركز القومي للإحصائيات الصحية قالت في عام 2004 أن أكثر من 9 ملايين طفل تم تشخيص إصابتهم بالربو، وأن 4 ملايين منهم عانوا من نوبات الربو الشديدة التي تطلبت معالجتهم في أقسام الإسعاف وغيرها على وجه السرعة. هذا عدا الكثيرين غيرهم ممن لديهم الربو بصفة مستترة ولم يتم تشخيص وجودها بالرغم من إصابة الأطفال بها، وفق ما تُؤكده الرابطة الأميركية للرئة في نشراتها حول ربو الأطفال. الأمر الذي يضع عبئاً اقتصادياً في تكلفة المعالجات الطبية للربو بين الأطفال، حيث تُؤكد الإحصائيات هناك أن حالات الربو هي السبب الثالث في ترتيب دواعي دخول المستشفيات للمعالجة لدى الأطفال دون سن 15 سنة، وأن الربو هو السبب الرئيسي في عدد أيام غياب الأطفال عن الحضور إلى المدارس.
من جانب آخر، وجد الباحثون أيضاً في دراستهم الجديدة أن تناول الأمهات للأسماك أثناء فترة الحمل يُقلل من احتمالات إصابة الأطفال هؤلاء بعد ولادتهم من حالات حساسية الجلد والإكزيما. وتحديداً فإن أطفال الأمهات الحوامل اللواتي كن يتناولن السمك مرة في الأسبوع على أقل تقدير أثناء فترة الحمل، هم أقل عرضة للإصابة بالحالات الجلدية من الحساسية بمقدار يتجاوز 43%، مقارنة بالأطفال الذين كانت أمهاتهم يتجنبن تناول الأسماك أثناء الحمل بهم.
* توفير فيتامين دي لجسم الحامل كان الدكتور ويلرز من هولندا قد ذكر في دراسات سابقة له أن ثمة علاقة بين تأمين تناول الحامل أثناء حملها لفيتامينات «إي و دي» ومعدن الزنك أثناء الحمل وبين نشوء حالات الربو وصفير الصدر وإكزيما الجلد بين الأطفال بعد ولادتهم. لكن الجديد هو ما تحدثت عنه دراستان حديثتان تم نشرهما في عدد مارس من المجلة الأميركية للتغذية الإكلينيكية للباحثين من بوسطن في الولايات المتحدة.
وقال الدكتور كارلوس كامارغو، الباحث الرئيسي في الدراسة الأولى من مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، إن بمتابعة حوالي 2000 أم وطفلها، حتى بلوغه سن ثلاث سنوات، لمدى نسبة فيتامين دي في أجسام هؤلاء الأمهات أثناء فترة الحمل، وجدنا أن معدل هذا الفيتامين كان 548 وحدة دولية في اليوم لدى الأمهات. وأن عدد إصابات الأطفال هؤلاء بالربو عند سن الثالثة بلغت 186 إصابة.
وبتقسيم مجموعة الأمهات بحسب كمية فيتامين دال في أجسامهن إلى أربع مجموعات. تبين أن أطفال الأمهات اللواتي كن ضمن مجموعة الربع الأعلى في نسبة هذا الفيتامين، كانوا أقل عُرضة للإصابة بنوبات صفير الصدر بنسبة 61%، مقارنة بأطفال الأمهات اللواتي كن ضمن مجموعة الربع الأقل في نسبة فيتامين دي في أجسامهن أثناء فترة الحمل. وتوصل الباحثون إلى أنه كلما زادت كمية فيتامين دي في جسم الأم الحامل بمقدار 100 وحدة دولية، كلما قلت احتمالات إصابة طفلها في ذلك الحمل بمقدار 20%. وأن فائدة فيتامين دي كانت متحققة سواء تم تناول هذه الفيتامينات من خلال الحبوب الدوائية أو من خلال المنتجات الغذائية، سواء ذات كمية فيتامين دي الطبيعية أو التي يتم إضافتها إليها لتعزيز محتواها منه كالحليب أو غيره.
وتوصل الدكتور أوغيستو ليتونجيا من معامل شاننغ في بوسطن إلى نتائج مقاربة في نفس مجال البحث. حيث تبين له بمتابعة 1212 أما وطفلها، أن أطفال النساء اللواتي يتمتعن بمعدلات فيتامين دي عالية في أجسامهن أثناء فترة الحمل كانوا أقل عُرضة للإصابة بالربو بنسبة تصل إلى 65% مقارنة بأطفال الأمهات ممن نسبة هذه الفيتامين متدنية في أجسامهن أثناء فترة الحمل. كما أن نفس العلاقة تنطبق على مدى الاستجابة لأخذ أدوية توسيع الشعب الهوائية عند الإصابة بنوبات الربو.
* غذاء أطفال جزيرة كريت ونوبات الربو ما لفت انتباه الباحثين من بريطانيا أن حالات الربو وحساسية الأنف والجلد نادرة بين أطفال جزيرة كريت اليونانية. وحينما نظروا فيما قد يكون سبباً لذلك، كان نوعية تغذيتهم هي أكثر الأمور احتمالاً. ولذا قام الباحثون من المؤسسة الوطنية للقلب والرئة في بريطانيا بمتابعة أكثر من 700 طفل ومراهق في جزيرة كريت ممن تتراوح أعمارهم ما بين السابعة والثامنة عشر من العمر. حيث تم الطلب منهم ومن والديهم الإجابة على جملة من الأسئلة المتعلقة بنوعيات وعناصر مكونات وجباتهم الغذائية.
ووفق ما تم نشره في عدد الخامس من إبريل (نيسان) لمجلة الصدر البريطانية، فإن 80% يتناولون الفواكه الطازجة، و70% يتناولون الخضار الطازجة، على الأقل مرتين في اليوم الواحد. وبالمراجعة مع العوامل البيئية والاجتماعية الأخرى، تبين للباحثين أن نوعية التغذية المحتوية على كميات عالية نسبياً من الفواكه والخضار الطازجة هي السبب في تدني الإصابات بالربو وبحساسية الأنف والجلد.
كما تبين للباحثين أن تناول المكسرات، ثلاث مرات أسبوعياً على أقل تقدير، عامل مرتبط بقلة الإصابة بنوبات صفير الصدر نتيجة لضيق الشعب الهوائية في الرئة. ولاحظ الباحثون أن السبب ربما يعود لغنى المكسرات بفيتامين إي. والمعروف أن فيتامين إي أحد مضادات الأكسدة الطبيعية، والتي تحول دون تلف الخلايا الناجم عن التعرض للجذور الحرة الضارة. هذا بالإضافة إلى احتواء المكسرات على عنصر المغنيسيوم. وهو أحد العناصر المفيدة لبنية تراكيب الرئة ومقاومة الشعب الهوائية لنوبات الضيق التي تعتريها عند التعرض للمواد المهيجة للحساسية فيها.
وعلى وجه الخصوص لاحظ الباحثون أن تناول الأطفال للتفاح والبرتقال والطماطم هو عامل يقي من نوبات الربو وحساسية الأنف.
وأضاف الباحثون أن تناول العنب عنصر فاعل في تقليل نوبات صفير الصدر وحساسية الأنف. وقالوا بأن قشور العنب الأحمر تحتوي على كميات عالية من المواد المضادة للأكسدة ومواد ريفيرسال التي سبق للدكتور حسن صندقجي الحديث عنها في مقاله حول العنب قبل بضعة أسابيع ضمن مواضيع التغذية بملحق الصحة في الشرق الأوسط. وهي مواد لها تأثيرات مضادة للالتهابات لا تزال الدراسات الطبية تتوسع في البحث فيها أسوة بما يحصل مع المواد المضادة للأكسدة في العنب.